رِحْلةُ الذات | محمد الصحبي


ما زَادَني الشَّوقُ إلا السُّهْدَ والوَلَعَا

فكيفَ أصْنَعُ فِيْ حُبٍّ بِيَ انْدَلَعَا ؟



قَد أَضْرَمَ البُعدُ فِيَّ النارَ فاشْتَعَلَتْ

بِيْ ذِكْرَياتٌ تَمَادَىٰ جَرْحُهَا وَجَعَا



كَأَنَّنِي فِي كُـهُـوْفِ العُمْرِ مُرْتَهَنٌ

لا لَيلَ لِيْ ؛ حينما أبغيه مُضْطَجَعَا



سَلْوَايَ نَجْمٌ إِذَا مَا بَانَ حَادَثَنِيْ

عَنْ قِصَّةِ البَيْن والبَدْرِ الَّذِيْ لَمَعَا



وَكَيْفَ ضَاعَ فُـؤَادِي عِنْدَ فَـاتِـنَـةٍ

فِيْ عَيْنِهَا الصُّبْحُ يَجْرِيْ خَلْفهَا تَبَعَا



أُسَــامِرُ النَّجْمَ والأَفْـلاكُ سَــاكِنَةٌ

كَأَنَّمَا حَالُهَا في حَالِيَ اجْتَمَعَا



تَدْنُو إِليْنَا وَتُرْخِيْ السَّمْعَ فِي نَسَقٍ

لَعَلَّهَا تُوْقِـظُ اللَّيـْلَ الَّذِيْ هَجَعَا



هَـٰذَا وَإِنِّيْ عَلَىٰ مَا ذِقْتُ مِنْ نَصَبٍ

لَازِلْتُ أَخْطُـبُ وُدَّاً لِيْ وَمُنْتَجَعَا



لِيْ فِي دُرُوْبِ الهَوَىٰ والحُبِّ تَجْرِبَةٌ

أُسْقِيْتُهَا مِنْ مَتَاهَاتِ العَنَا جُـرَعَا



قَدْ ذِقْتُهَا غَيَرَ أَنِّيْ مَا لَقِيْتُ بِهَا

إِلَّا وَمِيْضَاً دَنَا حِيْنَاً .. وَقَـدْ رَجَعَا



صَبْرِيْ مَهِيْبٌ ، وَدَرْبِيْ بَاتَ مُعْتَرَكَاً

لِلْأُمْنِيَاتِ الَّتِيْ أَرْجُـوْ بِهِا نِفَعَا



وَلَيْسَ لِيْ صَاحِبٌ إِلَّا الكَرَىٰ .. وَبِهِ

لَيْلِيْ الَّذِيْ عَادَنِي عُمْرَاً وَمَا انْقَطَعَا



وَكَـمْ عَلَىٰ بَـابِـهِ نَـادَيْـتُـهُ وَجِـلَاً

حَتَّىٰ لَقِيْتُ بِهِ ذَاتِيْ وَمَا صَنَعَا



يَا فَرْحَةَ العُمْرِ فِيْ أَيَّامِ خَلْوَتِنَا

تِلْكَ الَّتِيْ مَا سَلَاهَا القَلْبُ أَوْ جَزِعَا



يَا ذِكْرَيَاتِ عُهُوْدِ الوَجْدِ فِيْ صِغَرِي

وَأُمْنِيَاتِ سِنِيْنٍ غَادَرَتْ هَلَعَا



وَذَلِكَ الصُّـبْحُ فِيْ أَفْيَاءِ حَارَتِنَا

وَبَسْمَةُ الحُبِّ إنْ جَاءَتْ ، فَلَا وَجَعَا



عُمْرٌ مَضَىٰ مِنْ زُهُوْرِ الوَقْتِ مُرْتَحِلاً

كَأَنَّه سِـــرْبُ أَطْـيَـارٍ بِنَا رَتَعَا



فِيْ رِحْلَةِ الذَّاتِ إِبْحَارِيْ بِقَافِيَتِيْ

مَا أَقْصَرَ الوَقْتَ فِي العُمْرِ الَّذِيْ نُزِعَا!

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم