الأذان الأخير
تَرُوحُ يَدُ الأَقْدَارِ فِينَا وَتَغْتَدِي
وَغَادَرَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ دُونِ مَوْعِدِ
وَلَمَّا تَزَلْ عَيْنُ المَنُونِ وَإِنْ نَأَتْ
لِكُلِّ فَتًى لَمْ تَخْتَرِمْهُ بِمَرْصَدِ
وَكُلُّ امْرِئٍ مَهْمَا تَطُلْ سَنَوَاتُهُ
سَيَفْجَعُ أَحْبَابًا بِيَوْمٍ مُحَدَّدِ
تَهَدَّمَ مِنْ أَرْضِ الجُمَيْعَاتِ رُكْنُهَا
وَفَارَقَهَا عَمِّي وَشَيْخِي وَسَيِّدِي
رَحَلْتَ عَنِ الدُّنْيَا وَذِكْرُكَ لَمْ يَزَلْ
بِهَا بَاقِيًا لَمْ يُنْسَ أَوْ يَتَبَدَّدِ
وَخَلَّيْتَ جُرْحًا فِي الجَوَانِحِ كُلَّمَا
ذَكَرْتُكَ لَمْ يَقْطَعْ دُمُوعِي تَجَلُّدِي
سَلُوا مَنْ أَرَدْتُمْ عَنْهُ هَلْ تَجِدُونَهُ
سِوَى الفَاضِلِ المَمْدُوحِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
فَفِي كُلِّ سِلْمٍ مِثْلُ مَاءِ غَمَامَةٍ
وَفِي كُلِّ حَرْبٍ كَالحُسَامِ المُجَرَّدِ
يُؤَذِّنُ فِي سَمْعِ الجُمَيْعَاتِ صَادِحًا
بِأَنْحَائِهَا.. سَقْيًا لِذَاكَ التَّشَهُّدِ!
كَأَنَّ مَنَارَاتِ الجُمَيْعَاتِ أَصْبَحَتْ
بِهَا حَشْرَجَاتُ النَّائِحِ المُتَوَجِّدِ
فَأَيُّ مَسَاءٍ فِي الجُمَيْعَاتِ جَاثِمٍ
وَفِيهَا أَذَانُ الشَّيْخِ لَمْ يَتَرَدَّدِ!
وَلَمْ نَفْتَقِدْهُ إِذْ تَوَلَّى مُؤَذِّنًا
وَلَكِنْ فَقَدْنَاهُ مَنَارَةَ مَسْجِدِ!
غَدَاةَ نَعَى النَّاعِي بِمَوْتِكَ أَجْهَشَتْ
عَصَافِيرُ لَمْ تَفْرَحْ بِصُبْحٍ مُجَدَّدِ
وَأَظْلَمَ صُبْحُ النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهُ
يَقُدُّ مِنَ اللَّيْلِ البَهِيمِ وَيَرْتَدِي!
لِتَبْكِيكَ جَارَاتٌ عَلَيْكَ نَوَادِبٌ
يَنُحْنَ عَلَى مَجْدٍ تَوَلَّى وَسُؤْدُدِ
يُفَدِّينَ مِنْ آلِ الشُّقَيفِيِّ مَيِّتًا
وَهَلْ يَنْفَعُ الأَمْوَاتَ فِدْيَةُ مُفْتَدِ
وَلَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَتْ تُطِيعُنَا
وَمَا وُضِعَتْ لَا فِي يَدَيْكَ وَلَا يَدِي
فَيَا رَبِّ أَسْكِنْهُ الجِنَانَ مُنَعَّمًا
بِفِرْدَوْسِهَا عِنْدَ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
✿ ✿
أبوطالب بن محمد الشقيفي
17 ربيع الثاني 1447هـ

